-->

حجاجية الشاهد في طوق الحمامة


 مركز الصدى للدراسات والإعلام: عبد العزيز مقدمي

مقدمة

بما أن كتاب طوق الحمامة لابن حزم الاندلسي،يعد كتابا ممثلا لخطاب فلسفي علمي حول مفهوم الحب ومعانيه،والقداسة التي يتميز بها،وكما أنه كتاب يضم مجموعة من الأخبار والأشعار وقصص المحبين والعاشقين.فهو إذن كتاب يتناول مسألة العاطفة الإنسانية على قاعدة تعتمد على الكثير من التحليل النفسي والمنطقي،ولعل هذا التحليل كان عند ابن حزم انطلاقا من الملاحظة والتجربة والدراسة،التي راكمها حول خطاب الحب الذي نظر له بواسطة خطاب فلسفي علمي.ولعل هذا الأمر هو الذي جعله أنه لم يتزعمه أي موقف من مواقف الحب،موقفا سطحيا؛ولكن كان شديد الحرص على تحليل تلك المواقف وفحصها فحصا عميقا.فدراستنا هذه،ستركز بشكل أساس على الشواهد الحجاجية التي حاجج بها ابن حزم حول خطاب الحب،أو الآليات الحجاجية التي دافع بها عن خطاب الحب قصد إحداث التأثير والتصديق لدى المتلقي،ولعل تلك الشواهد التي ركز عليها ابن حزم في خطابه،هوالشاهد  الشعري الذي مزج فيه بين الشعر والخبر،وكذا الشاهد الديني الذي يستمد سلطته من النصوص الدينية بشكل أساس.

_1الشاهد الشعري

إن استخدام الشاهد الشعري من طرف ابن حزم لم يكن اعتباطيا،وإنما كانت له دلالة ومغزى،التي أراد من خلالها تدعيم دعواه،حتى تحدث التأثير في المتلقي،لأن الخطيب عندما يحاجج بواسطة الشاهد فهو معناه"افتراض وجود انتظام أو اطراد لم يوفر الشاهد تجسيدا له، فهو يسعى إلى إثبات قاعدة"(1).فهاجس ابن حزم كان بالفعل هو بناء قاعدة للحب،ثم يدعو بعدها تثبيتها وترسيخها في ذهن المتلقي،وقد كان ذلك باستخدام نمط شعري،الذي جاء منسجما ومعلقا ومتلازما مع الخبر،وهو سجل تاريخي واجتماعي للحياة الثقافية التي كانت سائدة عند العرب،ولعل الغرض من نقله في صيغة الخبر،حتى يصير شاهدا مناسبا حول خطاب الحب،الذي لا يقبل إلا كلمات رقيقة تعبر عن ذات العاشق تجاه معشوقته.

إن المحب دائما عندما يرى أحدا يشبه محبوبه،أو يسمع اسمه، يحدث له اضطراب في النفس، وهذا الأمر يجسده ابن حزم بقوله:

إذا ما رأت عيناي لابس حمرة    تقطع قلبي حسرة وتفطرا

غدا لدماء الناس باللحظ سافكا   وضرج منها ثوبه فتعصرا(2)

فالخبر الذي جاء به مدعما بقول شعري، يثبت أن المحب بمجرد أن يحدث صوتا،يشبه صوت محبوبه، يثير فيه الفزع والقلق في النفس. فاختيار ابن حزم لهذا الشاهد قصد إثبات دعواه، وإحداث التصديق لدى المتلقي.لأن الخبر دائما "يستمد خصوصيته من استعانته بالشعر لتحقيق التخييل عن طريق الجمع بين أطراف متباعدة لا يمكن الجمع بينهما،إلا في إطار هذا الخبر من توظيف الحواس والتحسيس المعنوي وتشخيصه،وجعل المحسوس أكثر حسية اعتمادا على التصوير،وإعادة تركيب الأشياء"(3).

إن الأخبار التي أوردها ابن حزم،كانت تتميز بهذا الطبع؛أي إن أغلبها جاءت مستعينة بالشعر،والغرض منها هو إقناع المتلقي وامتاعه حول الدعوى المصرح بها،لأن الخبر كما نعلم في التراث الأدبي العربي القديم، يمثل جنسا سرديا بسيطا، كونه يقوم على المزاوجة بين الإفادة والامتاع، وكما أنه يمزج الواقع بالخيال، وهذا القول من يعطي للخبر طابعا خاصا، كونه جاء لاصقا بالشعر الذي يحمل في بنيته كلمات وجدانية تعبر عن الحب. حيث يقول ابن حزم عن حب الشخص لاثنين، أو كما سماه هو محبة لا على التحقيق:

كذب المدعي هوى اثنين حتما  مثل ما في الأصول أكذب ماني

ليس في القلب موضع لحبيبين    ولا أحدث الأمور بثاني

فكما العقل واحد ليس يدري   خالقا غير واحد رحمان

فكذا القلب واحد ليس يهوى   غير فرد مباعد أو مدان(4)

إن ما يمكن أن نستشفه من هذا الشاهد،هو أن المحب لا يمكن له أن يحب اثنين قط،لأن في ذلك كذب وادعاء فقط،وليس بحقيقة،والقلب سيجد ذلك في عدم هواه لاثنين،فما دام أنه واحد فحتما يعشق شخص واحد،فهو مثله مثل العقل؛فتشبيه القلب بالعقل حسب ابن حزم يثير انتباه المتلقي،حول من يدعي الحب لاثنين؛لأن ذلك ليس له موضع في القلب.

فالغرض من هذا،هو إقناع وإمتاع المتلقي حول أهمية الحب،والذي لا يكون إلا لشخص واحد،ومن ادعى غير ذلك،فهو كاذب.

إن النظر والتعمق في نمطية هذا الشاهد،فقد جاء مختلفا عن منظومة الخبر في الأدب،ولكن رغم ذلك،إن الشعر دائما ما يأتي مدعما للخبر،حيت تقول رجاء بن سلامة في هذا الصدد"إن الشعر والخبر متخلفان داخل منظومة الأدب،وليس ماهيتين ممتلئتين متتاليتين تحملان إرادة الغلبة،وأبرز ما يختلف به الخبر عن الشعر هو يكون خطاب عنه،أو خطاب متضمنا إياه،إنه يتحدث بضمير الغائب عن الشعر الذي لا يكون إلا بضمير المتكلم"(5).

إن رجاء بن سلامة،قولها هذا وارد بكل المقاييس في أخبار ابن حزم،لأن أغلب أخباره ابتدات بضمير الغائب،سواء تلك التي نقلها عن معرفته بالأشخاص الأبرياء له،أو تلك الأخبار التي نقلها مباشرة حين سمعها،والتي تجلت بشكل أساس في"حدثني"،و"أخبرني"....،إلى غير ذلك من الأفعال التي استخدمها في نقل الأخبار،التي كان مفادها هو المزاوجة بين الإقناع والإمتاع والتي"يكون الشعر هو الخطاب التفسيري المعلق على القسم السردي والمتأمل فيه، ولكن المنطلق وقوف على أطلال العاشقين"(6).

فهذا الأساس جعل ابن حزم يستدل أو يأتي بالشعر مرتبطا بالخبر، لأن الشعر هو من يشير ويحرك عواطف المحبين، وذلك عن طريق استخدام كلمات وجدانية نابعة من قلب المحب تجاه محبوبه، حيث يقول ابن حزم:

غافض الفرصة واعلم انها   كمضي البرق تمضي الفرض

كم أمور أمكنت أمهلها    هي عندي إذا تولت غصص

بادر الكنز الذي ألقيته     وانتهز صبرا كباز يقتنص(7)

لقد استعمل هذا الشاهد من طرف ابن حزم، نتيجة لدعم الطاعة التي تكون بين المحب ومحبوبه، وكذا إقناع المتلقي حولها، فهذا الشاهد يمكن اعتباره استدلالا على يقينية الخبر؛ أي إن الخبر في حد ذاته يؤدي وظيفة حجاجية. والواضح عنده أنه لا يعيد عناصر الخبر السردي على وجه التطابق،وإنما يستغل بعض العناصر التي وردت فيه، ويضيف إليها عناصر أخرى من خارجه فينشئ بذلك الحكاية التي تأتي عن طريق السرد. وبهذا نجد الخبر يبعث "الحياة في الطلب ويبتبنى تجربة الواقف على طلل آخر هو طلل المعشوق،للشاعر طلله العشقي،ولراوي الخبر طلله الشعر يتعقب من خلاله آثار الوقفة العشيقة ويبني عوالمها"(8).

فرغم اختلاف الطلل بين الشاعر والراوي،إلا أن ابن حزم حاول أن يأتي بقول الشعر بعد الخبر، لدعم دعواه وتأكيدها وإحداث التصديق في أذهان المتلقين، حتى يصيرون عاملين بها في حياتهم اليومية. لأن تدعيم الخبر بالشعر، كون الشعر هو أحد الأجناس الأدبية التي تفسح المجال للتعبير عن الذات، وفضاء الإبداع اللغوي، فقد صدرت عديد من الأبيات الشعرية في نص الرسالة مشاعر أصحابها وشكلت حضور ذواتهم، على نحو ما حملت صيغا تعبيرية مشتقة من فضاء الاحتجاب. إذ يقول ابن حزم عن وصل المحب لمحبوبه:

مواصل لا يغيب قصدا    أعظم بهذا الوصال غما

صار وصرنا لفرط مالا    يزول كالاسم والمسمى(9)

إن توظيف هذا الشاهد من قبل ابن حزم، جاء لتدعيم الخبر الذي وظفه حول الرقيب، ولعل الغرض منه، هو إقناع المتلقي وتأكيد دعوى النص.

والواضح أن الشاهد الشعري هنا لم يأت للتحاور مع الخبر أو معاضدته، وإنما أتى باعتباره آلية حجاجية لتدعيم القسم النثري،لأن ابن حزم كان يسارع إلى إيراد الشاهد الشعري ليختبر من خلاله ملكته أو قرحته حول خطاب الحب، أو إن الشعر هو المحك الصحيح الذي يشرع للكاتب أن يحمل صفة العاشق والأديب.

إن الناظر في طوق الحمامة بأخبارها وأشعارها، سيلاحظ أن الطرافة لسيت متأنية في حضورها بين الجنسين في نص واحد، وإنما الطرافة هي التمازج والتعالق والتلازم بين الخبر والشعر، فابن حزم على امتداد رسالته لم ينقطع عن رفد الخبر بالشعر أو نقل صياغة الخبر شعرا،ومع العلم أن ليس كل ما هو نثري في طوقة الحمامة يعبر سردا، ونعني بذلك الأخبار التي جاءت في صيغة شعر.

وكما يمكن لنا تسمية الخبر بالنثر العلمي، يتولى فيه ابن حزم تحليل الظواهر التي ألزم نفسه لمعالجتها في إطار عرض مسألة الحب، وهذا ما ظهر عنده بشكل لافت في الأقسام النظرية التي فتح بها أبواب رسالته، قبل أن يتولى بعد ذلك إيراد الأخبار، التي وصفها محمد مشبال بأنها "شكل تعبيري يراد به في الأصل إبلاغ الحدث الطريف أو الغريب إلى المتلقي، غير أن هذه الوظيفة الإبلاغية الأصلية في بلاغة هذا الجنس لم تحل دون اكتسابها الوظيفة الأدبية"(10).

فبما أن هناك علاقة تمازج وتعالق بين الشاهد الشعري والخبر، فإن إيراده من قبل ابن حزم في كتابه، هو من أجل إقناع المتلقي وتأكيد دعوى التنظير للحب؛ لأن الشاهد الشعري هو من يراهن على التأثير في الوجدان، وعلى إصابة المتلقي في مواطن حساسة، ومن ثمة قد تم استدعاؤه من طرف ابن حزم باعتباره حجة وسلطة مرجعية، هدفه ردع الخصم وإفحامه.

وهذا الأمر هو الذي جعل محمد القاضي، يقول"ولهذا كان الرواة يتصيدون من الأدب ماله صلة بالشعر والشعراء، وهو ما يفسر في رأينا الكم الهائل من الأخبار التي اتخذت موضوعها أيام العرب والشعراء والعشاق أو المغنيين. ففي هذا الأخبار احتفال بالشعر يتجاوز اعتباره تذويقيا إلى جعله الغاية الأولى التي يسعى إليها الخبر"(11).

إن الوظيفة الشعرية داخل خطاب ابن حزم ذات رمزية تخييلية تداولية تساهم في إقناع المتلقي وإمتاعه، كما للشعر من بلاغة ودور في موزون الفكر العربي "الشعر ديوان العرب".

_2الشاهد الديني

إذا كان الشاهد الشعري الذي التجأ إليه ابن حزم، يحمل في طياته كلمات رومانسية تنبع من الذات، وتعبر عما بها من حب تجاه المحبوب.

فإن الشاهد الديني قد تطرق إليه، لأنه يعتبر حظوة دينية، وكما أنه أسمى الشواهد في الموروث العربي الإسلامي، كما له من قوة التصديق وهوالحجة العليا، التي تجعل الخطاب أكثر إقناعا، وقد تجلى ذلك في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية بشكل لافت، ولعل الغرض من هذا الشاهد هو تدعيم الدعوى التي يدافع عنها ابن حزم، ألا وهو خطاب الحب. فالاستدلال بالشاهد "لأنه ينتج إقناعا أعذب وهو محبوب لدى العوام، إنه قوة مشرقة وتثير الذاكرة الكامنة في كل شيء"(12).

من خلال الشاهد استطاع ابن حزم إقناع المتلقي وإحداث التصديق فيه حول دعواه، وكما يجعله يعمل بها في الحياة اليومية. انطلاقا من الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية التي كانت مصب استدلاله حول الحب، وعلاماته، وأشكاله، مثل قوله تعالى "إن النفس لأمارة بالسوء"(13).فهذه الآية قد استدل بها ابن حزم في باب قبح المعصية، وهي آية تمثل شاهدا دينيا، والتي تحمل في طياتها بشكل أساس دلالتها حول من يلبي شهوته ولا يتحكم في نفسه، وبها قد يصبح مرتكبا المعصية.

إن ابن حزم يجعل من هذه الآية سلطة، كونها بمجرد سماعها من طرف المتلقي، ستجعل له إلاقناع والتصديق حول قبح ارتكاب المعصية، وبذلك قد يؤدي بنا ابن حزم إلى الإقناع وحثنا على عدم اللجوء إلى ارتكاب معصية في حق أنفسنا.

وكما نجد ابن حزم قد استدل بحديث يحمل أكثر دلالة على التجانس بين الشخصين، وأنهما لا يتحابان، إلا وبينهما مشاكسة، واتفاق بين مجموعة من الصفات، وقد أكد قوله هذا، بقول رسول الله صل الله عليه وسلم "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"(14).

إن التجانس واللصوق بين المحبين، يتطلب الاهتمام من كلا الطرفين، يجب أن يتفقان في كثير من الأمور، لأن في ذلك متعة الزواج، وأن العلاقة ستستمر بدون مشاكل. وانطلاقا من هذا،إن ابن حزم يزعم أن يجعلنا آخذين بهذا الكلام، لأن الغرض منه هو الإقناع والإمتاع، وإحداث التصديق لدى المتلقى، حول علاقة التفاهم والترابط بين المحبوبين حيث يورد هذا الصدد، قوله تعالى "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها"(15).

إن هذه الآية دالة على نوع من التمازج بين الحبيب والمحبوب، لأن الله تعالى خلق الذكر والأنثى، ولا يمكن لأحد أن يعيش بدون الآخر، لأن في ذلك تكامل بين الطرفين. فهم ابن حزم ليس إبراز دور الرجل تجاه المرأة أو دور المرأة تجاه الرجل، وإنما غرضه هو إبراز لنا الكيفية التي تتم بها علاقة التمازج بين المرأة والرجل، حتى يحدث فينا التصديق حول دعواه، ويجعلنا خاضعين لها، وربما العمل بها. ويظهر هذا الأمر عن طريق النص القرآني "الذي شكل منطلقا بارزا لتطوير الحدث، حيث شكلت الآيات القرآنية محور الأحداث بل الحدث الرئيسي في بعض النصوص"(16).

إن الآيات القرآنية التي استدل بها ابن حزم، كانت كلها تنحو منحى حول أهمية الحب، وعلاماته وأشكاله، قد استخدمها باعتبارها آلية لتدعيم الأخبار التي كانت تحمل في بنيتها مجموعة من الأقوال حول خطاب الحب. فبهذه الآيات سعى ابن حزم إلى إقناع المتلقي وإمتاعه حول الدعوى المصرح بها، وقد جاء ذلك انطلاقا من جعل الأخبار التي تمثل شواهد حول دعوى النص، كما أنها تعضد حجاجيتها بالقيمة الدينية التى تحظى بها شخصياتها.

لقد استحضر ابن حزم أحد أحاديث رسول الله صل الله عليه وسلم، الذي قال فيه"لا يؤمن الرجل بالإيمان كله حتى يد ع الكذب في المزاح"(17).

إن هذا الحديث النبوي يمثل السلطة، جاء به ابن حزم باعتباره دليلا حول الواشي،الذي يحمل في صفاته الكذب،والضرر الذي يصيب به المحب لمحبوبه،وكذلك الخذلان،ولعل اسشهاده هذا كان قويا،لأن فعلا حديث الرسول صل الله عليه وسلم عادة ما يحرم الكذب حتى ولو كان مزحا،لأن ذلك قد يؤدي إلى فساد العلاقة بين المحب ومحبوبه، فالأمر الذي يدعيه ابن حزم هو الإقناع بالدرجة الأولى حول دعوى النص، وكذا تصديقها.

وفي موضع آخر عن هذا،يورد ابن حزم آية قرآنية حول إظهار الزينة وترتيب المشي عند المرأة وتبخترها، وفي ذلك قوله تعالى"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم"(18).

فهذا الاستشهاد حول التعفف،وعدم النظر إلى المرأة،إن في ذلك راحة للنفس،وكما أنها مغفرة،وإن ارتكبت غير ذلك،فالأمر يكون مخالفا،لأن الإنسان سيصبح مذنبا،ولذلك أمرهم الله بغض البصر والحفاظ على ما بين اللحى والرجلين،من خلال هذا كله،يريد ابن حزم أن يرسخ دعواه في ذهن المتلقي،وكما يضفي فيه الإقناع والإمتاع حتى يصير آخذا بها.

إن ما يمكن قوله،إن ابن حزم قد احتمى في بعض نصوصه الخبرية إلى القرآن الكريم باعتباره حجة سلطة تقتضي الإذعان والقبول،ولم يقتصر على الأخبار ذات المعنى التعليمي فقط،بل تجاوز ذلك ليشمل أخبار ذات موضوعات متباينة مستفيدين من سلطته الحجاجية باعتباره نصا مؤسسا تحققت مقروئيته وتداوليته وترسخت قوته.وكما التجأ أيضا إلى أحاديث نبوية والتي تمثل بشكل أساس قدوة دينية،بها استطاع ابن حزم أن يثير انتباه المتلقي حول خطاب الحب.

خاتمة

من خلال مجمل الكلام،يمكن لنا القول،إننا في هذا المقال،قد توقفنا بشكل دقيق عند حجاجية الشاهد في طوق الحمامة،وذلك  انطلاقا من مجموعة من الأخبار التي تتضمن في بنيتها،مجموعة الشواهد،كالشاهد الشعري الذي جاء ممزوجا بالنمط النثري ألا وهو الخبر،فهذا الشعر استطعنا من خلاله بيان مدى قوة تعالقه بالخبر،وكيفية استخدامه من قبل ابن حزم،حتى يحدث التأثير في المتلقي،بل كيف يحدث التصديق والدفاع عن دعوى النص،فهو شاهد جاء معبر بشكل أساس عن الذات الإنسانية،وأما الشاهد الديني الذي استقاه ابن حزم،من آيات قرآنية وأحاديث نبوية،كان الغرض منه هو تدعيم دعواه وإحداث التصديق لدى المتلقي،وذلك باعتبار هذا الشاهد يحمل سلطة وحظوة دينية.

مفاهيم مفتاحية

-البلاغة،الحجاج،الشاهد،التصديق،الإحداث،الدفاع،التأثير،

المتلقي،الدعوى.

لائحة المصادر والمراجع

-القرآن الكريم

-الأحاديث النبوية

-ابن حزم الأندلسي،طوق الحمامة،دار طيبة للطباعة،الطبعة الأولى،مصر،2002.

-الحسين بنو هاشم،نظرية الحجاج عند شاييم بيرلمان،دار الكتاب الجديدة المتحدة،الطبعة الأولى،2014.

-محمد مشبال،بلاغة النص التراثي،مقاربة بلاغية حجاجية،دار العين للنشر،الطبعة الأولى،2013.

-محمد مشبال،الحجاج والتأويل في النص السردي عند الجاحظ،دار التنوير للطباعة والنشر،الطبعة الأولى2015.

-محمد القاضي،الخبر في الأدب العربي،دار الغرب الإسلامي،1998.

-رجاء بن سلامة،العشق والكتابة،قراءات في الموروث،منشورات الجمل،الطبعة الأولى،2003.

-مجلة فكر ونقد،السنة الأولى،العدد 8،أبريل 1998.

 

طالب باحث في مجال البلاغة وتحليل الخطاب،كلية متعددة التخصصات بالناضور.


أحدث أقدم